الثلاثاء، 24 مايو 2011

نقطة حياة.. الأبوّة

يتردد قلمي قبل بداية كتابة أيّ شيء، هل سيأخذ إلهامه من العقل أم القلب؟ وأنا الآن حائر حيرة لذيذة تلمس أوتار النغم بين قلبي وعقلي على وقع أغنية الأبوة.

قبل أشهر، وقبل أن أعرف أن زوجتي حامل، كنت قد مارست هواية تركيب مقطع سينمائي يحمل أفكاري أو مشاعري على وتر الصوت والصورة، وقد عكس هذا الفيلم رغبة دفينة قي قلبي مع دعاء خفيّ لله جلّ في علاه لم أعه وقتها:


كانت طلقات رحم زوجتي تتصاعد بينما اتقدم على طريق بيروت - الزبداني في الساعات الأولى من صباح الأبوّة، كانت غزارة المطر والثلج شديدة تعكس رحمات ربّي على قلب المولودة التي تمرّ بأخطر الطرق بينما والدها على "ضهر البيدر" تتمايل به السيارة برحمات ربي، كانت الآلام تعصر والدتها كما لم تشعر بها من قبل. كانت رحمات السماء تحفّ حياتنا نحن الثلاثة تحمينا من خطورة في خطورة في خطورة. كانت القبلة الأولى على قلب "ألمى" و"دانية" أعزّ وأدفأ القبل، كانت الضمّة الأولى حلوة كالعسل وزكيّة كالمسك. لم تزرف لي دمعة على باب الأبوّة كما كل نقاط الحياة التي مرّرني ربي بها دليلاً على ثقة بالعزيز الذي يسير حياتي في قدره ورغبته، دليلاً على استسلامي لعزته وقدرته وكرامته حبيبي!

لقد زارت بيتنا شمس الأطفال، وعزّزت سعادتنا رحمة ربي المنزلة بهم وفيهم، لقد فتح الله لنا باباً في الحياة، ونحن في صدد أن نستشرف به على تقدّم ونستثمر ما وراءه من هبات وعطايا.

أكرم الله الجميع، وبارك بكل من هنأنا ودعا لنا ودعمنا، شكراً من القلب ودعاء خالص بالكرامة والعطاء!

ألموشة

الاستفتاء الشرعي الطبي حالياً: ما له وما عليه

يطلب المسلم في هذه الأيام عادة رأي قدوته الدينية (شيخه) في الأمور الحرجة التي لا يجد فيها منفذاً إلا الأمل بالله، وهو يستفستي الإمام طالباً جواباً يتبعه، وإن هذا الأمر حميد وسنة واجبة [فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون]، لكن الطريقة التي يجري بها بعض هذا الاستفتاء غير مستحبة وقد تؤدي إلى آثار قاتلة.

إن الأمر يعرض في أغلب الأحيان من قبل صاحب الحاجة الطبية على الإمام القدوة بدون وجود الطاقم الطبي المعتني بالحالة المستفتى بها الشيخ، وإن هذا بحد ذاته يعرّض الشيخ لأن يميل بحكمه إلى حجة صاحب الحاجة التي غالباً ما تكون مفعمة بالعاطفة، وقد يميل قلبه إلى طلب تلميذه أو مريده أو مستفتيه فيضع حكماً خاطئاً أو يرجّح خياراً غير محبّذ، إضافة إلى أنّ النسبة العظمى من الأئمة والعلماء ليس لهم علم بالطب، وقد أمرنا الشرع باستفتاء أهل الاختصاص في حاجاتهم [أهل الذكر]، واليوم، أصبح الطب تخصصات، ولا يوجد طبيب حتى متخصص بكل علوم الطب، فكيف بغير الطبيب!

أنا أعتقد أن حكماً من المراجع الشرعية يجب أن يصدر اليوم بتحريم الاستفتاء الشرعي إلا من بوجود رأي طبيب حاذق ذائع الصيت بإتقانه اختصاصه إضافة لرأي المستفتي، وهذا أمر به الشرع، وإن الشرع لم يجعل لنا من علمائنا وقدواتنا أرباباً يعرفون بكل شيء كما فعلهم المريدون المبتدئون أو طلاب الحاجة المحشورون لقضاء حاجاتهم. إن عدم اتباع هذه الطريقة سيكون له آثار في غاية السوء على بعض الأبدان والأرواح وقد تكون قاتلة. دخلت اليوم في نقاش مع أب لطفل لديه مرض غير مرجو الشفاء وفق ما يوفره الطب حالياً حول العالم، وقد استفتى إمامه بمشاعره حول الخيارات المتاحة، فأفتى له بالخيار الخاطئ حسب مقتضيات الطب حالياً، وقد سبب مشكلة للطاقم الطبي مع الأب لأن ذلك سيعرض ابنه للخطر أكثر، وقد أصبح الأب أكثر تعلقاً بخياره الخاطئ بعد الفتوى.

إن الأمر موضوع في عهدة الجميع، المؤمنون، العلماء، الأطباء. فالمؤمنون يجب أن يكونوا عارفين بطريقة الفتوى، والأطباء يجب ألا يرسلوا مرضاهم وحدهم لطلب الفتوى الشرعية بدون وجود مرجع طبي مرافق، والعلماء بعدم تقديم فتوى طبية بدون وجود الطبيب مع المستفتي.

طريقة التواصل بين المريض والطبيب أساسية

راجعنا اليوم في العيادة الخارجية في المشفى الذي أعمل به مريضة مع أهلها تعاني من ألم بطني حاد، كانت قد راجعت قبل مجيئها لنا طبيباً متميزاً في المنطقة طلب لها الفحوص التشخيصية المناسبة (الشعاعية والمخبرية) ووضع تشخيصاً “جيداً”، لكن الآفة التي عانى منها “الطبيب” كانت عدم التواصل الجيد مع المريضة وأهلها، فلم يقتنعوا بكلامه، ورفضوا خبرته. 

إن من أهم عوامل نجاح الطبيب في أداء مهنته التواصل الجيد مع المريض، وهي خبرة ضرورية أساسية تدعمه مجموع خبراته العلمية الطبية،  وهذا يرتكز على عدة نقاط أهمها:
  1. إطلاع المريض حسب سويته الثقافية على مجموع المشاكل التي يعاني منها، والتي استخلصها الطبيب من القصة المرضية والفحص السريري الذي قام به، أما أن يأخذ الطبيب القصة المرضية ويقوم بالفحص السريري ثم يصف الدواء بدون  إطلاع المريض على حالته، أو بإخباره أن تشخيصك هو “كذا” فقط، فهذا خطأ وقد يسبب خللاً في الرعاية اللازمة للمريض. إن عمل الطبيب ليس وصف الدواء المناسب للمرض المناسب، بل تأمين الرعاية الطبية الجيدة والكافية للمريض، وإن الرعاية الطبية لها عدة أقسام، أحدها فقط وليس كلها، العقار الدوائي.
  2. شرح العوامل الكامنة وراء معاناة الشخص من مرضه، فالطبيب الذي يشخص “التهاب قصبات مزمن” ثم لا يشرح للمريض أن التدخين هو عامل الخطر الأهم في إصابته لن يؤمن الرعاية الجيدة للمريض، لأنه سيتناول الضاد الحيوي ويبقى يدخن، وهذا سوف يؤدي إلى نكس حالته وفقدان ثقته بالطبيب معتقداً أن الدواء الذي وصفه له ليس كافياً ربما!
  3. إخبار المريض “بالطريقة المناسبة” بإنذار مرضه، أما إخفاء ذلك عنه فهو أمر سلبي. إن إقلال شأن معاناة المريض ووضع إنذار ممتاز، حتى لو كان صادقاً، في ظل تعب المريض من أعراض مرضه، يعتبر سيئاً، وإن تهويل الأمور البسيطة والإيحاء بإنذار سيء أمر خاطئ أيضاً. إن بعض الأطباء يخلطون بين مبدأ إخبار الإنذار للمريض، وبين مبدأ إبداء الاهتمام بمعاناة المريض، فهم يقللون اهتمامهم بمعاناته إذا كان إنذاره حسناً، وهذا لا ينفع مع عقل المريض الذي، خصوصاً في عالمنا العربي، لا يراجع طبيبه إلا لشدة معاناته.
  4. التودّد للمريض، وهو السبيل الوحيد لقلبه بعدما حققت البنود الثلاثة السابقة النصر على عقله وأقنعته بخبرة الطبيب مما يؤمن سيطرة كاملة مطلوبة.

جنين بعمر 4 أشهر يتشاهد، مثبت بالصور!

أرسل لي صديقي الشيخ إبراهيم إسماعيل صباح اليوم بريداً إلكترونياً فاجأني. بالأمس ذهب وهو وزوجته للاطمئنان على صحة ولده “هادي” حفظه الله الذي ما زال جنيناً في بطن أمه بعمر 4 أشهر. قالت له الطبيبة أن ولدك يا “شيخ” يتشاهد “لا إله إلا الله” الآن مع أول منظر له أمام أهله. بالطبع كانت تمزح (كي لا يحمّل بعض القراء هذا الأمر مبدأ الإعجاز العلمي) ونرى الصورة بعد أسبوع في بعض المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية كدليل على وحدانية الله! فالولد يبدي حركات بأصبعه قد تكون بغاية وقد تكون بلا غاية ولا يعلم ما في قلبه إلا الله. النكتة الأجمل أن زوجة صديقي طلبت منه شراء إيكو للبيت كي تتطمّن على الولد في كل ساعة، ماذا يفعل، ربما هذه وسيلة جديدة في التربية الحديثة. “التربية داخل الرحم”!

هذه هي الصورة، حفظه الله لك سيد أبو هادي العزيز:

هادي يتشاهد

الخلية الصنعية والجاهلون من أمتي!

أنا لا أعلم لماذا ما زال هناك رؤوس جاهلة باسم الدين تبرز على السطح كلما حقق الجنس البشري تقدماً علمياً وخطوة تقنية جديدة، وتدكه من أصله وتنقضه دون علمها بحقيقته حتى، ثم لا تلبس أن تركض كي تكسب من منافع هذا التقدم ما يحقق لها المصلحة. إن كون الرؤوس القديمة هذه في منصب مرموق أحياناً يعني أنّ أمتنا التي تتخذ الإسلام قانونها الأقدس ما زالت معايشة للتخلف العلمي “وستبقى” ما لم يقطع العلم الرباني جهل هذه الحفنة.

عاينّا منذ أيام تمكن باحثين غربيين من “تركيب” خلية حيّة بدءاً من عدة مكونات مختلفة غير حيّة، وإن مجموعة العبارات من نمط: “تركيب، حيّة، غير حيّة” قد أثارت حفيظة بعض الوعّاظ وبدؤوا ينتقدون هذا العمل دون تأكيد على ما معناه.

إن التطور الجديد لا يتنافى مع مبدأ التوحيد في الإسلام. أصلاً، إن التفكير في كونه يتنافى يعتبر ضعفاً كبيراً، فإن الله سبحانه وتعالى قد تحدى كل الناس بأن يخلقوا خلقاً كما يخلق، وإنه على علم بأنه رابح  في هذا الرهان. إن الذي يعتقد أن هذا الإنجاز يعتبر تحدياً لخلق الله لديه مشكلة في إيمانه، وهو حتى الآن ليس واثقاً، وليس ثابتاً في اليقين به، بل هو يزعزع بحركته هذه كل ضعيفي الإيمان معه، ذلك أنهم يقولون أن هذا الذي يعتبر قدوة لنا يعتبر عالماً بعلم دنوي منافس لله في علاه!

إن “أهل الدين الحق” يجب أن يدعموا هذا التقدم لأنهم إن لم يدعموه فسيقع بين يدي ناس أشرار سيسخرونه في خراب البشرية، وسيلقى “أهل الدين الحق” نصيبهم من ضرره. إن هذا التقدم قد يساهم في اكتشاف طرق علاجية جديدة في مجال الطب، وقد  يساهم في شفاء أمراض ما زالت مستعصية على العلاج، وهذا كله من مصلحة الجميع.

إن من أهم عوامل تخلفنا هو عدم تشجيع هذا النوع من الأبحاث بحجة أنه ينافي التوحيد، وترك المجال لغير الموحدين لأخذ زمام المبادرة فيه. أنا لا أعتقد أن أمتنا اليوم يمكن أن ترجع إلى المقدمة بدون “قادة” من أهل العلم الشرعي يشجعون البشر على العودة لميدان الحياة وركوبها لرضاء الله. إن أخذ النصر من العباءة والذقن الطويلة وقشور الدين والتمسح ببركة بعضنا هو حقاً أبو  الأمراض القاتلة. شفانا الله مما ابلاتنا فيه.

الاكتئاب، الفهم الصحيح يساهم في العلاج

يعتبر الاكتئاب من الحالات الشائعة في كافة المجتمعات، وتظهر بعض الدراسات أن شخصاً واحداً من كل أربعة أشخاص بشكل وسطي مصاب بالاكتئاب، ويعتبر الفهم الخاطئ لتظاهراته وكيفية معالجته من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة تعقيد حالة المصاب به، لذلك يجب على الأطباء نشر ثقافة مكافحة الاكتئاب في المجتمع كعنايتهم تماماً بمكافحة الأمراض الإنتانية السارية كالإنفلونزا والسل وغيرها.
يتظاهر الاكتئاب بأعراض نفسية وجسدية، وإنه من الخطأ أن نعرف الاكتئاب فقط بأنه حالة من انخفاض المزاج أو الإحساس بالضعف العام. إن الخطوة الأولى لمكافحة الاكتئاب هي معرفة الناس لتظاهراته كي يميّزوه عندهم أو عند أقربائهم وأحبائهم في حال إصابتهم به.

7 طرق كي تكون سيئاً في مقابلة التخرج

1. التحضير العلمي السيء: إن محصلة دراسة السنوات الستة، الثلاثة الأخيرة على الأقل، سوف تظهر بشكل أكيد أثناء مقابلاتنا في السادسة، إن لم يكن في طرح المعلومات التي قد نسأل عنها -حيث يمكن أن تكون محددة-، ففي الثقة في النفس، وطريقة الرد والإجابة، وهذا كله مؤثر! 

2. الإجابة قبل أخذ 10 ثوان من التفكير وترتيب الأفكار: إن طريقة الإجابة على السؤال المطروح هي التي ستقنع الأستاذ وترضيه عن مدى فهمنا للمادة السريرية، أكثر من كثرة المعلومات التي نلقيها عليه إن كانت بطريقة غير جيدة. إن الانتظار لفترة قبل الإجابة تعطينا المهلة الكافية كي يتم استخراج الأفكار أولاً، ترتيبها ثانياً، وعرضها ثالثاً.
 
3. عدم احترام الأساتذة أثناء المقابلة: لا أقصد التصرفات السيئة فهي لن تصدر إلا نادراً في ذلك الوقت، لكن أقصد عدم الاحترام الداخلي للأستاذ المقابَل. إن وضع صورة سلبية علمياً عن الأساتذة قبل إجراء المقابلة سيؤدي إلى التهاون في طرح المعلومات الدقيقة التي قد نملكها، مما يؤدي للحصول على معلومة أدنى من المستحق. بكل تأكيد، يملك الأستاذ خبرة سريرية ومهنية في الطب أكثر من أي طالب طب منا!

4. تقديس الأساتذة خلال المقابلة: إن النظر إلى الأستاذ المقابل كجهبذ معصوم عن الخطأ الطبي سيزيد من عتبة الشعور بالخوف، وسيؤدي إلى فقدان التركيز، مما قد يؤدي إلى عرض المعلومة الدقيقة التي قد نملكها بدقة وكيفية لا تستحق العلامة المطلوبة.

5. الخوف الزائد: إن الخوف من نتيجة المقابلة سيؤدي بكل تأكيد إلى عدم التحضير الجيد لها وعدم الأداء الجيد أثناءها. إن الاعتقاد أن ما سنقدمه أثناء المقابلة سوف يغير مجرى التاريخ لن يضرّ إلا نحن!

6. الثقة الزائدة: إن الثقة الزائدة بالنفس تؤدي إلى عدم إدراك نقاط الضعف أثناء التحضير، وهذا ما يؤدي إلى تحضير ناقص قبل المقابلة، ومردود سيء!

7. عدم النوم ليلة المقابلة: إن عدم النوم سوف يؤدي إلى التعب الجسدي والذهني، وبالتالي تداخل المعلومات وعدم دقة طرحها. إن الظن الخاطئ أن ما سنقدمه في المقابلة هو حصيل الليلة السابقة قد يفسد ليلة التخرج!