الثلاثاء، 24 مايو 2011

الاكتئاب، الفهم الصحيح يساهم في العلاج

يعتبر الاكتئاب من الحالات الشائعة في كافة المجتمعات، وتظهر بعض الدراسات أن شخصاً واحداً من كل أربعة أشخاص بشكل وسطي مصاب بالاكتئاب، ويعتبر الفهم الخاطئ لتظاهراته وكيفية معالجته من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة تعقيد حالة المصاب به، لذلك يجب على الأطباء نشر ثقافة مكافحة الاكتئاب في المجتمع كعنايتهم تماماً بمكافحة الأمراض الإنتانية السارية كالإنفلونزا والسل وغيرها.
يتظاهر الاكتئاب بأعراض نفسية وجسدية، وإنه من الخطأ أن نعرف الاكتئاب فقط بأنه حالة من انخفاض المزاج أو الإحساس بالضعف العام. إن الخطوة الأولى لمكافحة الاكتئاب هي معرفة الناس لتظاهراته كي يميّزوه عندهم أو عند أقربائهم وأحبائهم في حال إصابتهم به.


أعراض الاكتئاب
  • حزن شديد بدون وجود عامل مسبب لهذا الشعور أو بدرجته
  • غياب المتعة في النشاطات اليومية للشخص وفي الممارس التي اعتاد أن يتمتع بها
  • الأرق في الليل وعدم القدرة على النوم، وفي بعض الأحيان يتظاهر بنوم زائد
  • نقص أو زيادة الشهية
  • الشعور بفقد الأمل ونقص الثقة بالنفس أو  غيابها
  • التعب
  • التوهمات بأشياء خاطئة
  • التفكيربالانتحار
إذا توافرت لدى الشخص أكثر من 5 أعراض من القائمة السابقة يومياً لمدة “أسبوعين”، وأدى ذلك للتأثير على حياته اليومية في المنزل والعمل، يجب على الشخص أن يراجع طبيبه لتقييم إصابته بالاكتئاب.
إن الحزن الشديد نتيجة سبب محدد مثل وفاة زوجة أو طلاق أو الإصابة بمرض مزمن لا يعتبر من التظاهرات التي تشخص الإصابة بالاكتئاب، لكن، في حال زيادة هذا الحزن عن المتوقع، وزيادة مدته عن المعتادة عند الناس في المجتمع، وتأثير ذلك على عمل الشخص وحياته في المنزل، فيجب التفكير عندها بالاكتئاب.

أسباب الاكتئاب

إن معرفة الأسباب المؤدية لإصابة الشخص بالاكتئاب وخبرته بها، تسهل عليه في حال إصابته علاج حالته، لأن الشخص عدو ما يجهل، ولأن الآراء الخاطئة المنتشرة في المجتمع عن أسباب الاكتئاب، وعن تقييم المصاب به بأنه ضعيف الشخصية عديم الإيمان، تفاقم من الحالة وتزيدها سوءاً. تجتمع عدة عوامل لتسبب حالة الاكتئاب عند شخص معين:
  1. العوامل الوراثية: إنه من الثابت أن الاكتئاب يزداد حدوثاً عند المستعدين وراثياً له، لذلك نجد نسبة عالية لإصابة أخوين أو انتقال الإصابة من الآباء للأولاد، وهذا ما يدعم أن الاكتئاب له أسباب عضوية إضافة للاستعداد النفسي له.
  2. اضطراب النواقل العصبية الدماغية: يتكون دماغ الإنسان من خلايا عصبية كثيرة، متصلة فيما بينها بآلية خاصة تختلف عن توصيل الأسلاك الكهربائية في دارات المنازل، لأن نقل الإشارة العصبية من خلية لأخرى يتم عن طريق مواد كيميائية تفرز من الخلية الناقلة إلى الخلية المنقول إليها. إن نقصان بعض النواقل في هذه التوصيلات يؤدي إلى أعراض الاكتئاب، وهذا ما يدعم مرة أخرى أن السبب الأساسي للاكتئاب ليس نفسياً بل عضوياً جسدياً
  3. الظروف الاجتماعية المحيطة: إن الظروف الاجتماعية السيئة المحيطة بالشخص تهيؤه نفسياً للإصابة بالاكتئاب ولا تسبب مباشرة المرض، نشبّه ذلك بمرض السكري، فالمريض يكون جاهلاً بإصابته حتى تصيبه شدة مثل حادث أدى إلى حزن شديد أو غضب شديد، فيؤدي ذلك إلى كسر معاوضة جسمه و”إظهار” المرض، لكنه بالحقيقة كان مصاباً به من قبل هذه الحادثة. إن الظروف الاجتماعية المحيطة تساهم في “إظهار” حالة الاكتئاب عند الناس “المهيئين عضوياً” لذلك.
دور الإيمان في منع الإصابة بالاكتئاب: يدخل الإيمان الديني في البند رقم (3) من الفقرة السابقة، لأن المؤمن تُهيَّأ له ظروف اجتماعية وراحة نفسية أكثر من غير المؤمن، وهذا مثبت بدراسات عالمية، لذلك فإن المؤمن يعتبر أكثر مقاومة للإصابة، لكن بفهم دقيق لأسباب المرض، نجد أن الإيمان يعتبر عاملاً داعماً لمقاومة حدوث الاكتئاب، ولا تعتبر الإصابة بالاكتئاب دليلاً على عدم الإيمان، ولا تعتبر كذلك عدم الإصابة بالاكتئاب دليلاً على الإيمان.

علاج الاكتئاب
ليست معالجة الاكتئاب صعبة في حال فهم طبيعة المرض، وليست سهلة في حال الجهل بها. إن الاكتئاب مرض ناكس قد يتراجع في مرحلة معينة من العلاج ثم ينكس إذا تم إيقاف العلاج قبل الحصول على تعليمات الطبيب حول ذلك.
تتألف معالجة الاكتئاب من قسمين أساسين:
  1. العلاج الدوائي: هو العلاج الأساسي، ويتألف من أدوية تزيد من النواقل العصبية في التوصيلات بين الخلايا العصبية في الدماغ وبالتالي تؤثر على المزاج. إن من النقاط الهامة التي يجب على الشخص المعالَج معرفتها هو أن دواء الاكتئاب يحتاج 4-6 أسابيع حتى يبدأ مفعوله، ولا يجب محاولة دواء آخر إلا في حال مرور هذه المدة على محاولة أول دواء. لا تفضّل أدوية الاكتئاب عن بعضها بفعاليتها بشكل عام، لكن الأمر الهام أن دواءً ما قد يكون فعالاً عند شخص مصاب، ولا يكون فعالاً عند آخر، وهذا ما لا يعمله إلا الله، لذلك فإن الطبيب يبدأ بإعطاء الدواء الأكثر أماناً عند المريض حسب عمره والأمراض الجسدية الأخرى التي عنده، ثم في حال مرور 6 أسابيع وتمت عدم فعالية الدواء الأول، يصف الدواء الثاني وهكذا. إن لأدوية الاكتئاب تأثيرات جانبية مختلفة يناقشها الطبيب مع المريض عند وصفه الدواء، لكن خطر إبقاء الاكتئاب بدون دواء أكبر من التأثيرات الجانبية لأدوية الاكتئاب.
  2. العلاج الفكري والنفسي: وهو علاج داعم للعلاج الدوائي، ولا ينفع لوحده في أغلب حالات الاكتئاب. يتألف من لقاءات بين الطبيب والمريض يفهمه فيها طبيعة مرضه أولاً، ويحاول تخليصه من المسببات النفسية التي تراكمت وأظهرت المرض. إن وصف الدواء فقط للمريض بدون شرح طبيعة المرض وبدون دعمه نفسياً أثناء مراحل التدبير يسبب فشل العلاج.
مما سبق، نقول أن علاج الاكتئاب الدوائي أساسي، وأن دعم المريض أثناء العلاج الدوائي هام جداً لنجاح المهمة والتخلص من المرض. إن عودة الاكتئاب بعد نجاح معالجته تحتم على الطبيب في العلاجات الأخرى زيادة فترة العلاج من أشهر إلى سنوات أحياناً. إن لقاء المريض مع الطبيب بجو هادئ وشرح هذه الأمور توفر للمريض معرفة أكبر ونسبة شفاء أعلى بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق