الثلاثاء، 24 مايو 2011

الاستفتاء الشرعي الطبي حالياً: ما له وما عليه

يطلب المسلم في هذه الأيام عادة رأي قدوته الدينية (شيخه) في الأمور الحرجة التي لا يجد فيها منفذاً إلا الأمل بالله، وهو يستفستي الإمام طالباً جواباً يتبعه، وإن هذا الأمر حميد وسنة واجبة [فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون]، لكن الطريقة التي يجري بها بعض هذا الاستفتاء غير مستحبة وقد تؤدي إلى آثار قاتلة.

إن الأمر يعرض في أغلب الأحيان من قبل صاحب الحاجة الطبية على الإمام القدوة بدون وجود الطاقم الطبي المعتني بالحالة المستفتى بها الشيخ، وإن هذا بحد ذاته يعرّض الشيخ لأن يميل بحكمه إلى حجة صاحب الحاجة التي غالباً ما تكون مفعمة بالعاطفة، وقد يميل قلبه إلى طلب تلميذه أو مريده أو مستفتيه فيضع حكماً خاطئاً أو يرجّح خياراً غير محبّذ، إضافة إلى أنّ النسبة العظمى من الأئمة والعلماء ليس لهم علم بالطب، وقد أمرنا الشرع باستفتاء أهل الاختصاص في حاجاتهم [أهل الذكر]، واليوم، أصبح الطب تخصصات، ولا يوجد طبيب حتى متخصص بكل علوم الطب، فكيف بغير الطبيب!

أنا أعتقد أن حكماً من المراجع الشرعية يجب أن يصدر اليوم بتحريم الاستفتاء الشرعي إلا من بوجود رأي طبيب حاذق ذائع الصيت بإتقانه اختصاصه إضافة لرأي المستفتي، وهذا أمر به الشرع، وإن الشرع لم يجعل لنا من علمائنا وقدواتنا أرباباً يعرفون بكل شيء كما فعلهم المريدون المبتدئون أو طلاب الحاجة المحشورون لقضاء حاجاتهم. إن عدم اتباع هذه الطريقة سيكون له آثار في غاية السوء على بعض الأبدان والأرواح وقد تكون قاتلة. دخلت اليوم في نقاش مع أب لطفل لديه مرض غير مرجو الشفاء وفق ما يوفره الطب حالياً حول العالم، وقد استفتى إمامه بمشاعره حول الخيارات المتاحة، فأفتى له بالخيار الخاطئ حسب مقتضيات الطب حالياً، وقد سبب مشكلة للطاقم الطبي مع الأب لأن ذلك سيعرض ابنه للخطر أكثر، وقد أصبح الأب أكثر تعلقاً بخياره الخاطئ بعد الفتوى.

إن الأمر موضوع في عهدة الجميع، المؤمنون، العلماء، الأطباء. فالمؤمنون يجب أن يكونوا عارفين بطريقة الفتوى، والأطباء يجب ألا يرسلوا مرضاهم وحدهم لطلب الفتوى الشرعية بدون وجود مرجع طبي مرافق، والعلماء بعدم تقديم فتوى طبية بدون وجود الطبيب مع المستفتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق