الاثنين، 25 نوفمبر 2013

أنا والشعر

لست مريضا بحمى الاختلاج والصرع، لكن حرارة الكلمات تدخلني يوميا في غيبوبة لا دواء لها. تثيرني حركات الأحرف ونغماتها المجنونة كل صباح. النون للوطن والياء للألم، العين للعين، والألف للألم، السكون حركة الانهزام، واللام للألم. الهاء للتنهد، والهمزة للألم. ما أكثر الألم بين أحرفنا وفي أيامنا!

لا يهمني أين أقرأ الشعر، ولا يهمني كيف أقرأه. يهمني فقط ألا يوقظني أحد من سباتي القلبي وأنا أقرأ قصيدة. هل يا ترى أقرأ الأدب لإلهاء القلب وكهربة الدماغ كعلاج تجريبي لتخفيف الألم؟

في الأمس، كنت أتلعثم أمام حرفين وحركة، واليوم فتحت أنهر الإلهام أمام قلبي ليطوف لساني وتغرق يدي بشيء ليس مني، تبتل الأوراق كل يوم بماء غير مائي، المشكلة الأكبر، أنها لا تجف، تبقى رطبة. المصيبة الأعظم أن قلبي ما زال سدا يحتجز المياه من بقاع الحكم الواسعة، فأرتوي، وأحاول الإرواء. على كل حال، أكره الجفاف، فهو داء الأقلام، ومنبع الآلام.

إن الكلام ألوان، والشعر قوس قزح معطر منسق مرسوم بأمهر الريشات. لا تظهر أقواس القزح إلا في الأيام الماطرة بعد طلوع الشمس على حبات الماء المعلقة بالهواء، أما الشعر فإن ألوانه تضيء السماوات ليل نهاء، بمطر وبدون مطر، بشمس وبدون شمس، بقمر وبدون قمر، المهم في النهاية، أنه يشرق من قلب على قلوب، ومن جرح على آلام، فيغير أحوالنا منذ الأزل إلى هذه الأيام.

لست مدمنا على قراءة الدواوين والمدونات ولا على حضور الأمسيات الأدبية لكني مدمن على استظهار الحقيقة من بين أوهام البيوت الشعرية واستنطاق المستقبل من ماضيها الفسيح. لا أطلب علاجا لإدماني هذا، أطلب زيادة الجرعات، عسى تزيد النشوة فيطرب العقل وتنتعش الروح. هذه قصتي مع الشعر، فما قصتكم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق