الأحد، 12 يونيو 2011

يا أمّي ما شكل السما؟

أحد علامات سرطان شبكية العين
يهتزّ عرش القلب في قصة سرطان شبكية العين retinoblastoma الذي يتفرّد بالصغار دون الكبار. يكون الطفل هنا الأقل معاناة من المرض، بينما تتمنى الأمّ أن تكون مصابة بأعتى أنواع السرطانات وأن يسلم ابنها من هذه الخباثة اللعينة. 

يُكتشف سرطان شبكية العين في الأشهر الأولى من عمر الطفل، بينما ينتظر الأحبة منه بدء التفاعل معهم، بدء المشي والمكاغاة، يصطدمون بواقع ضرورة انتزاع عين ولدهم، وهم على استعداد لدفع أكبادهم بدل رمش عينه.
إن الأدلّة الطبية المتوافرة حالياً تدلّ على أنّ منشأ المرض في كل الأحيان وراثي، وأنه يصيب الأطفال دائماً، وأنّ علاجه ليس بالسهل، وأن أغلب المصابين سينتهون باقتلاع عين لحفظ الثانية. لا أعلم أبداً، والعلم عند ربّي ما الحكمة من وراء ذلك، لكنّ علمي الوحيد اليوم أن لكلّ جزئية في سلوك هذا السرطان ما يقف وراءها من تبريرات عند خالق الوجود يراها المبصر، ويعمى عنها الضرير مثلي!


بينما كنت أحضّر لمقالتي هذه، مررت على أغنية "يا أمّي ما شكل السما" لمشاري العفاسي، فغيّرت الموضوع الذي كنت بصدد أعداده على وقع أفكاري التي تراوحت بين الطفل ذو الستة أشهر الذي يقطع أهله به شهرياً أكثر من 1000 كيلو متر من أقصى شمال سورية على حدود تركية إلى مركز السرطان هنا لتلقى جرعات العلاج الكيميائية التي ربّما تنقذ ما تبقى له من عين واحدة، إلى تلك البنت ذات السنتين التي أحضرها أهلها إلى مركز الطوارئ عندنا بقصّة تغيّر في لون العين، لتنتهي بعد أيّام بلا عين. 

يقول مشاري على لسان الضرير: "أمشي أخاف تعثراً.. وسط النهار أو السَحَر.. لا أهتدي في السير.. إن طال الطريق وإن قصر". لم أجد هذه الصفات في ذلك الطفل الذكي ذي السنتين، الذي حالفه الحظّ ببقية من نصف عين، يركض بين أقرانه، يرى أكثر منهم، وهو يبعث رسالة إلى الجميع أن الرؤية الحقيقة لا تكون بالعيون، بل بالقلوب، وأن أجواف قلبه البريئة توزع النور على عيون الدنيا، فليبصر العميان أنّ الرؤية هبة سماوية، سواء بعيون سليمة أو سرطانية، لكن لا تكون بقلوب عليلة، لا علّلّ الله لكم عين حبيب ولا قلب عشيق!


--
توضيح: الشخصيات المشار إليها وهمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق